Mar 02 2025 2 mins 8
من حرب إلى حرب. هكذا هي إسرائيل نتنياهو. قد يقدم الأمر على أنه رد طبيعي لما حدث في السابع من أكتوبر عام 2023، فتكون الحرب دفاعية وتهدف إلى القضاء على حماس مثلا أو لضمان أمن إسرائيل النهائي.
غير أن المعطيات الموجودة على أرض الواقع، وما تم تداوله مؤخرا باعتباره حلا لغزة بعد الحرب، ربما تدفعنا إلى القول بأن الهدف أبعد، وقد يصل إلى أقصى مدى له وهو تهجير الفلسطينيين.
فبمجرد نهاية العمليات العسكرية في غزة وبدء تبادل الأسرى، ها هو الجيش الإسرائيلي يندفع مجددا في حرب أخرى داخل الضفة الغربية. حيث شهد الأسبوع الماضي زيادة في القوات الإسرائيلية في الضفة وتصاعدا في العمليات في مخيم جنين، مما أدى إلى هدم حوالي 500 منزل وتحويل أجزاء كبيرة منه إلى طرقات شاسعة لنقل الآليات العسكرية.
ربما يشير انتقال الحرب إلى الضفة الغربية إلى مشروع أوسع يشمل الأراضي الفلسطينية كافة، على الرغم من معارضة محمود عباس لتصعيد حماس.
لكن المؤشر الأهم على أن أهداف الحرب بالنسبة لنتنياهو هي أبعد وأوسع، هو ذلك العرض الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي يقضي بتهجير سكان غزة وتحويلها إلى جنة سياحية. إنه عرض غير أخلاقي وغير إنساني، لا يمكن فهمه إلا في إطار عقل مستثمر عقارات يبحث عن الثروة، أو رئيس دولة عظمى مهووس بعظمة شخصه.
ورغم ذلك، تلقف رئيس الوزراء الإسرائيلي العرض بكل فرح، معتبرا إياه حلا لغزة، لكن حلا لغزة التراب من دون سكانها.
نحن هنا، وبوضوح، أمام مقترح تهجير ونقل السكان، في تعارض تام مع القوانين والمواثيق الدولية.
وربما ضمن هذا المقترح التهجيري، يمكننا فهم التوجه المنهجي للجيش الإسرائيلي في حربه الأخيرة، والتي تهدف إلى القضاء تقريبا على كل مظاهر الوجود الإنساني في غزة.
العمليات التي شنها في هذه الأراضي المتمردة اتخذت طابع حرب التدمير الشامل لكل معالم الوجود الفلسطيني، ومسح مظاهر العمران بحيث تصبح الأرض غير قابلة للإسكان والإعمار بالنسبة للفلسطينيين.
حرب تدمير شاملة يبدو أن هدفها التهجير أكثر منها القضاء على حماس أو تحرير الأسرى. فحماس بقيت موجودة وتم التفاوض معها. ومسألة الأسرى لم تشغل بال نتنياهو فعليا إلا بعد أكثر من عام على العمليات.
ألم يؤد الإصرار الإسرائيلي على الاستيطان في الضفة إلى إنهاء عملية السلام لأوسلو؟ قد يبدو سؤالنا هنا من باب القراءة المتسرعة أو من باب التضخيم، غير أن تاريخ القضية الفلسطينية وطبيعة السياسات الإسرائيلية تبقى محكومة في الأساس بسياق الاستعمار والتوطين.