تنتشر على الانترنت مقاطع لفقهاء يصفون الحور العين بأوصاف شديدة الدقة، لا نعرف من أين أتوا بها. يصفون الأجساد والأثداء والبياض، وهذا بالمناسبة وصف عنصري لأنه يعتبر أن الجمال هو بياض البشرة وأن الحور العين لا يمكن أن تكون بشرتهن إلا بيضاء.
اطلعت على فيديو لفقيه يقول حرفيا: "أن تمر السحابة فتقول لأولياء الله: ما تريدون أن أمطِركم في الجنة؟ فلا يتمنون شيئا إلا أُمطر. (...) لأقولن للسحابة أمطرينا جوارٍ، أمطرينا نساء، نريد حريم، نريد النساء".
أولا، من أخبر هؤلاء بتفاصيل الجنة وما يحدث فيها؟
ثانيا، أليس مخجلا هذا الهوس بالجنس وبالنساء وبمقاييس جمال لا تختلف عن مقاييس دور الأزياء وشركات الإعلانات، بما يقتضيه ذلك من إقصاء لعشرات الأشكال المختلفة من أجساد النساء؟ المرأة في الجنة تصبح شبيهة باربي تقريبا، بشرط العذرية طبعا، لأن نساء الجنة عذراوات ويعُدن عذروات بعد كل علاقة جنسية. وهذا طبعا مما يساهم في خلق تمثلات مجتمعات بأكملها عن معايير الجمال وعن الجسد والعذرية.
المشكلة لا تقف هنا... المشكلة أيضا أن معظم رجال الدين يتهمون المطالبين باحترام الحريات الفردية، بأنهم مهووسون بالجنس وبالنساء، والحقيقة أن أكثر المهووسين بالجنس وبأجساد النساء، هم بعض الفقهاء المتخصصين في وصف الحور العين والأثداء والبشرة، وفي تدقيق أعدادهن وفي تفصيل المتعة الجنسية في الجنة وعدد العلاقات الجنسية التي يمكن أن يقوم بها الرجال هناك.
أولا، من وصف لهم هذه الأجواء؟ وكيف صور لهم خيالهم المريض أن الجنة فضاء للجنس بدون قيود ونساء بمعايير جمال تتنافى مع القيم التي يفترض أنهم ينتمون لها؛ بل تلتقي مع الصور التجارية لأجساد النساء، والتي يرفضها كل مؤمن بالقيم الإنسانية!
ثانيا، هؤلاء المتحدثون عن الجنس والنساء في الجنة، ينطلقون دائما من وجهة نظر ذكورية. فهل من وصف لديهم للمتعة الجنسية للنساء في الجنة؟ أم أن المرأة، كما قال أحدهم بكل وقاحة، ليست إلا وعاء جنسيا يفرغ فيه الرجل شهوته؟
مؤسف أن يختزل بعض المتحدثين باسم الدين الجنةَ في جنس وأثداء ونساء... وأن يتهموا بعدها غيرهم بأنهم مهووسون بالجنس!
مؤسف أن تتحول الجنة، بكل ما يفترض أن تعنيه للمتدين، إلى مجرد فضاء بورنوغرافي مليء بأجساد متعة...