المجابهة الكلامية والصدام الدبلوماسي بين دونالد ترامب وفلوديمير زيلينسكي


Episode Artwork
1.0x
0% played 00:00 00:00
Mar 01 2025 3 mins   5

شهد البيت الابيض صداماً مذهلاً على شكل مجابهة كلامية حادة بين الرئيس الأمريكي وضيفه الرئيس الأوكراني في سابقة دبلوماسية لا مثيل لها. وإذا لم يكن هذا الأمر غريبا على ترامب الذي أراد إحراج محاوره في لقاءات علنية ومنقولة على الهواء، إلّا أنه فوجئ بجرأة زيلينسكي وشجاعته والأرجح أن وراء كل ذلك رفض الزعيم الأوكراني التسليم بعقد سيطرة واشنطن على المعادن النادرة الأوكرانية من دون الحصول على الضمانات الأمنية الأمريكية، ويخفي ذلك أيضا تناقضا حول صفقة التسوية المفترضة مع الجانب الروسي.

وفسّر البعض الصدام على أنه أشبه بالكمين الذي جرى إعداده من قبل البعض في الإدارة وخاصة نائب الرئيس جيه دي فانس، إذ لاحظ المراسلون الموجودون في القاعة أن فانس هو الذي صعّد الموقف. ففي نهاية المؤتمر الصحافي، اقترب ترامب من زيلينسكي وربت على كتفه، لكن فانس قال في الدقيقة الأربعين: "لقد جربنا مسار جو بايدن، (مسار) التباهي والتظاهر بأن كلمات رئيس الولايات المتحدة كانت مهمة أكثر من تصرفات رئيس الولايات المتحدة. ما يجعل أميركا دولة جيدة هو انخراط أميركا في الديبلوماسية؟ هذا ما يفعله الرئيس ترامب". وكل ذلك كان لتفسير التنازل عملياً امام المطالب الروسية.

بالرغم من عدم وجود سلطة مضادة في الولايات المتحدة بعد انتخابات نوفمبر الماضي، لكن بعض الأصوات صدرت ومن أبرزها جون بولتون مستشار الأمن القومي الذي أقاله الرئيس ترامب في عام 2019، حيث اعتبر إن الرئيس ونائبه أظهرا أنهما يقفان إلى جانب روسيا، وهو “خطأ كارثي للأمن القومي ”.

مهما كان الأمر تعد هذه الاستدارة الأمريكية نحو أطروحات فلاديمير بوتين، دليلاً على إمكان تصدع المعسكر الغربي ودفع أوكرانيا للثمن.

وكل ذلك دفع بالغالبية الساحقة من الدول الأوروبية للوقوف إلى جانب أوكرانيا، وكان أولهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعاد التأكيد على ان روسيا هي "المعتدي".

مهما جرب زيلينسكي ترميم الوضع سيصعب عليه ذلك، لأنه جرى تفسير دفاعه عن نفسه بقلة احترام للولايات المتحدة، وسيكون ذلك ذريعة لممارسة المزيد من الضغوط عليه، ولن يكون أي استنهاض أوروبي من أجل دعم كييف كافياً لمنع حصول الاسوأ.

في المحصلة، سيتضح من سيدفع الثمن على المدى القصير أم على المدى المتوسط، هل ستكون أوكرانيا البلد الذي سيتم التضحية بمصالحه ووحدته الترابية، أم أوروبا التي ستجد نفسها في موقع ضعيف لحماية خط دفاعها الأول، والأرجح أن يكون ذلك زيلينسكي بالذات، إذ سيكون مصيره السياسي مشابهاً لمصير البطل المأساوي في تراجيديا إغريقية قديمة.