عن أبوة الدولة.. علاقة معقدة


Episode Artwork
1.0x
0% played 00:00 00:00
Mar 04 2025 3 mins   1

بدأ مفهوم "أبوة الدولة" يظهر بشكل جلي في الحضارات القديمة مثل الإمبراطورية الرومانية، حيث كان الإمبراطور يعتبر نفسه راعيًا لشعبه. لكن هذه الفكرة بدأت تتشكل بشكل أكثر وضوحًا في القرن السابع عشر والثامن عشر مع تطور مفاهيم السياسة وظهور الدولة الحديثة، خاصة مع ظهور نظرية "التعاقد الاجتماعي" التي قام بتطويرها فلاسفة مثل جون لوك وتوماس هوبز وجان جاك روسو.

 في الدول الشمولية قديما وحديثا

أبوة الدولة تماثل علاقة الحاكم أو الدولة بمواطنيها كعلاقة "الأب" بأبنائه، حيث يُنظر إلى الحاكم على أنه صاحب سلطة وولاية يحكم من منطلق "الرعاية" والاهتمام بمصلحة الشعب من منطق ولي الأمر صاحب السيطرة والقوة والأحقية المطلقة. تعتبر هذه الفكرة عند الكثيرين من المنظرين السياسيين امتدادًا لمفاهيم السلطة الأبوية في المجتمعات التقليدية، حيث كان الأب في الأسرة يتمتع بسلطة شبه مطلقة على أفراد الأسرة. 

في هذه الحالة من يعارض الأب يعتبر عاقاً وخارجاً عن العرف والتقليد والقانون بطبيعة الحال.

(أما الحالة الأصعب فهي أن يكون في بعض الحالات كافراً خصوصا إذا كان الحاكم يأخذ صلاحيته من الله ورجال الدين.)

في الأنظمة التي تبني حكمًا مركزيًا قويًا. يركز الحاكم على تقديم الرعاية الأساسية لشعبه مقابل الولاء الكامل والمطلق للسلطة. في بعض الحالات، قد تكون هذه الرعاية غير حقيقية أو سطحية، لكن الدولة تعمل على تفخيمها عبر إعلامها بغرض تعزيز سلطات الحاكم فقط!

-راجعوا قصيدة عنترة لنزار قباني - في ما يدعى دول الحضارة والديموقراطية 

بعد الحرب العالمية الثانية 

تستحي الدول الغربية (الديموقراطية) أن تبجل القائد الفرد وولي الأمر، بل أنها تنظر بعين الاشمئزاز والدونية للدول الشمولية (شرقاً) الا أنها من جهة أخرى لا يتوانى بعضها على الاحتفاظ بالملك أو الملكة كشخصيات اعتبارية تصرف لهم ميزانيات ضخمة لاحتياجات قصورهم وحاشيتهم! 

بينما آلاف مؤلفة يعيشون (هوم ليس) بلا مأوى في مدن تعتبر حواضر الغرب ومناراتها.

 بلاد الحرية الرأسمالية

 في معظم دول أوروبا والولايات المتحدة تبني الدولة علاقة اقتصادية فردانية سلطوية مع الافراد بحيث يصبح الفرد في المجتمع هو ابن الدولة في الدرجة الأولى تنظمها أشكال متعددة من القوانين والنظم الضريبية التي تضعه في أماكن معينة بحسب موقعه الرأسمالي في سوق العمل. 

لقد صيغت فكرة الحضارة في هذه الدول التي يسيطر على طبقاتها الحاكمة هوس التراتبية الهرمية على أساس ضمان اطراد وأبدية مظاهر عدم المساواة. 

في هذه الأنظمة لا يقل بطش السلطة الحضارية عن مثيلتها الشمولية الا أنها أحياناً تختلف في المظاهر والطرق، وكله بالقانون. 

أبوة الدولة، فكرة سياسية واجتماعية تطبقها الأنظمة السياسية بأشكال مختلفة أساسها السيطرة المطلقة.